responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 489
وَالْجَوَابُ: أَنَّ قُدْرَتَهُ لَمَّا صَلَحَتْ لِلضِّدَّيْنِ فَإِنْ حَصَلَ أَحَدُ الضِّدَّيْنِ دُونَ الْآخَرِ لَا لِمُرَجِّحٍ كَانَ ذَلِكَ مَحْضَ الِاتِّفَاقِ، وَالْأَمْرُ الِاتِّفَاقِيُّ لَا يمكن التوبيخ عليه. وإن حصل المرجح فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمُرَجَّحُ مِنْهُ عَادَ الْبَحْثُ فِيهِ، وَإِنْ حَصَلَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَعِنْدَ حُصُولِهِ يَصِيرُ ذَلِكَ الطَّرَفُ رَاجِحًا وَالْآخَرُ مَرْجُوحًا وَالْمَرْجُوحُ مُمْتَنِعُ الْوُقُوعِ لِأَنَّهُ حَالَ الِاسْتِوَاءِ لَمَّا كَانَ مُمْتَنِعَ الْوُقُوعِ فَحَالُ الْمَرْجُوحِيَّةِ أَوْلَى بِأَنْ يَكُونَ مُمْتَنِعَ الْوُقُوعِ وَإِذَا امْتَنَعَ أَحَدُ النَّقِيضَيْنِ وَجَبَ الْآخَرُ وَحِينَئِذٍ يَعُودُ عَلَيْكُمْ كُلُّ مَا أَوْرَدْتُمُوهُ عَلَيْنَا. ثُمَّ الْجَوَابُ الْحَقِيقِيُّ عَنِ الْكُلِّ: أنه لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ [الأنبياء: 23] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: (أ)
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «مَرَرْتُ لَيْلَةَ أسري بي على قوم تقرض شفاههم بِمَقَارِيضَ مِنَ النَّارِ فَقُلْتُ: يَا أَخِي يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ هَؤُلَاءِ خُطَبَاءُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا كَانُوا يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبَرِّ وَيَنْسَوْنَ أَنْفُسَهُمْ» .
(ب)
وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «إِنَّ فِي النَّارِ رَجُلًا يَتَأَذَّى أَهْلُ النَّارِ بِرِيحِهِ فَقِيلَ مَنْ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: عَالِمٌ لَا يَنْتَفِعُ بِعِلْمِهِ» .
(ج)
وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «مَثَلُ الَّذِي يُعَلِّمُ النَّاسَ الْخَيْرَ وَلَا يَعْمَلُ بِهِ كَالسِّرَاجِ يُضِيءُ لِلنَّاسِ/ وَيَحْرِقُ نَفْسَهُ» .
(د) وَعَنِ الشَّعْبِيِّ: يَطَّلِعُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَى قَوْمٍ مِنَ النَّارِ فَيَقُولُونَ: لِمَ دَخَلْتُمُ النَّارَ وَنَحْنُ إِنَّمَا دَخَلْنَا الْجَنَّةَ بِفَضْلِ تَعْلِيمِكُمْ؟ فَقَالُوا: إِنَّا كُنَّا نَأْمُرُ بِالْخَيْرِ وَلَا نَفْعَلُهُ. كَمَا قِيلَ: مَنْ وَعَظَ بِقَوْلِهِ ضَاعَ كَلَامُهُ، وَمَنْ وَعَظَ بِفِعْلِهِ نَفَذَتْ سِهَامُهُ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:
[يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ الْمُعَلِّمُ غَيْرَهُ ... هَلَّا لِنَفْسِكَ كَانَ ذَا التَّعْلِيمُ
تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي السَّقَامِ وَذِي الضَّنَا ... كَيْمَا يَصِحُّ بِهِ وَأَنْتَ سَقِيمُ
ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا ... فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ
فَهُنَاكَ يُقْبَلُ إِنْ وَعَظْتَ وَيُقْتَدَى ... بِالرَّأْيِ مِنْكَ وَيَنْفَعُ التَّعْلِيمُ
قِيلَ: عَمَلُ رَجُلٌ فِي أَلْفِ رَجُلٍ أَبْلَغُ مِنْ قَوْلِ أَلْفِ رَجُلٍ فِي رَجُلٍ، وَأَمَّا مَنْ وَعَظَ وَاتَّعَظَ فَمَحَلُّهُ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ.
رُوِيَ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ مَاتَ وَكَانَ وَاعِظًا زَاهِدًا فَرُؤِيَ فِي الْمَنَامِ فَقِيلَ لَهُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ فَقَالَ: غَفَرَ لِي وَأَوَّلُ مَا سَأَلَنِي مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ فَقَالَا: مَنْ رَبُّكَ؟ فَقُلْتُ: أَمَا تَسْتَحِيَانِ مِنْ شَيْخٍ دَعَا الناس إِلَى اللَّهِ تَعَالَى كَذَا وَكَذَا سَنَةً فَتَقُولَانِ له من ربك؟ وقيل للشبلي عن النَّزْعِ: قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَالَ:
إِنَّ بَيْتًا أَنْتَ سَاكِنُهُ ... غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَى السرج

[سورة البقرة (2) : آية 45]
وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخاشِعِينَ (45)
فِي الْآيَةِ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اخْتَلَفُوا فِي الْمُخَاطَبِينَ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ فَقَالَ قَوْمٌ:
هُمُ الْمُؤْمِنُونَ بِالرَّسُولِ. قَالَ: لِأَنَّ مَنْ يُنْكِرُ الصَّلَاةَ أَصْلًا وَالصَّبْرَ عَلَى دِينِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَكَادُ يُقَالُ لَهُ اسْتَعِنْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ، فَلَا جَرَمَ وَجَبَ صَرْفُهُ إِلَى مَنْ صَدَّقَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الْخِطَابُ أَوَّلًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، ثُمَّ يَقَعُ بَعْدَ ذَلِكَ خِطَابًا لِلْمُؤْمِنِينَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْمُخَاطَبِينَ هُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِأَنَّ صَرْفَ الْخِطَابِ إِلَى غَيْرِهِمْ يُوجِبُ تَفْكِيكَ النَّظْمِ. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يُؤْمَرُونَ بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ مَعَ كَوْنِهِمْ مُنْكِرِينَ لَهُمَا؟
قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ كَوْنَهُمْ مُنْكِرِينَ لَهُمَا. وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَعْلَمُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى مَا يَجِبُ الصَّبْرُ عَلَيْهِ حَسَنٌ وَأَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي هِيَ تَوَاضُعٌ لِلْخَالِقِ وَالِاشْتِغَالُ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى يُسَلِّي عن محن الدنيا وآفاتها، إنما الاختلاف في

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 489
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست